الخميس، 28 مارس 2024

الترجمة الكاملة لحوار ويليام فوكنر بمجلة باريس ريفيو

 

فوكنر كما يقدّم نفسه

"لا شيء بإمكانه أن يدمر الكاتب الجيد"



حاورته جين ستين 

ترجمة: لطف الصراري

منتصف العام 2016، عثرت على هذا الحوار أثناء بحثي عن مادة أدبية أنشّط بها مهاراتي الخاملة باللغة الانجليزية. سأحكي قصة ترجمته بعد آخر سطر منه مباشرة، لأن محتواه المكثف بالكاد يحتمل تقديم جين ستين؛ الكاتبة الأمريكية التي حاورت فوكنر، لمجلة "باريس ريفيو"، في مدينة نيويورك مطلع العام 1956.

مقدمة المحاورة

 ولد ويليام فوكنر (William Faulkner) عام 1897، [25 سبتمبر/ أيلول 1897 – 6 يوليو/ تموز 1962] في نيو ألباني بولاية مسيسيبي، حيث كان والده حينها قاطع تذاكر في سكة الحديد التي بناها جده الأكبر، الكولونيل ويليام فوكنر (William Falkner) (بدون حرف u)، وهو مؤلف "وردة ممفيس البيضاء". انتقلت العائلة مبكراً إلى أكسفورد- على بعد 35 ميلاً، حيث فشل فوكنر الشاب في تحقيق العلامات الدراسية الكافية للتخرج من المدرسة الثانوية في المنطقة. عام 1918 تم تسجيله كطالب طيران في القوات الجوية الملكية الكندية. كما قضى أكثر من عام بقليل، طالباً بصورة استثنائية في جامعة الولاية (Ole Miss)، ولاحقاً عمل مديراً للبريد في مركز الجامعة حتى طرد من وظيفته بسبب القراءة أثناء العمل.

بتشجيع من شيروود أندرسون، كتب فوكنر "راتب جندي" عام 1926. أما أول كتاب له حقق قراءة واسعة فقد كان "الملاذ" (1931)؛ الرواية المدهشة التي قال إنه كتبها لأجل النقود بعد أن فشلت كتبه السابقة- بما فيها "البعوض" (1927) "سارتوريس" (1929) "الصخب والعنف" (1929) و "بينما أرقد محتضرة" (1930)- في تحقيق عائدات كافية لإعالة أسرة.

تبع ذلك نجاح منتظم لرواياته، التي تتعلق معظمها بما صار يسمى (Yoknapatawpha saga) (ملحمة يوكناباتاوفا): "نور في آب" (1932) "بايلون" (1935)، "أبسالوم أبسالوم!" (1936)، "الذي لا يقهر- The Unvanquished" (1938)، "النخيل البري" (1939)، "ذا هاملت" (1940) و "اهبط يا موسى وقصص أخرى" (1941). منذ الحرب العالمية الثانية كانت أعماله الرئيسية "المتطفل على الغبار" (1948)، "خرافة" (1954) و "المدينة" (1957). في العام 1951 فازت مجموعته القصصية بجائزة الكتاب الوطني، وبالمثل روايته "خرافة" العام 1955. وفي العام 1949 فاز فوكنر بجائزة نوبل للآداب.

 مؤخراً، رغم كونه خجولاً ومنطوياً على نفسه، سافر فوكنر على نطاق واسع ليلقي محاضرات لصالح مؤسسة الخدمة العامة في الولايات المتحدة.

إلى الحوار:

الثلاثاء، 14 مارس 2023

مدخنة علي عَفْرَس

 

  اعتاد الفتى علي عَفْرَس الذهاب إلى المدرسة بدراجته النارية التي تشبهه في البدانة. كل صباح يغادر قريته عبر الطريق العام، مخلّفاً وراءه سحابة دخان على امتداد أربعة كيلومترات، وعندما يصل إلى المدرسة، يربط مدخنته الجوالة بسلسلة حديدية إلى أحد قضبان نافذة الفصل القريبة من الأرض.

الجمعة، 16 سبتمبر 2022

عتّال شارع الدائري

 لطف الصراري

بصعوبة شديدة تمكّن مبروك عضلات من الوقوف على قدميه. حرّك كتفيه ليعدّل وضعية كيس الأسمنت على ظهره، ومشى بساقين متباعدين وخطوات متعرّجة.

  مسافة الأمتار السبعة من مؤخرة صندوق الشاحنة إلى نهاية المستودع، بدت له مساوية للمسافة التي تفصله عن بيته. وعندما اقترب من زميله الذي يرصّ الأكياس بطريقة متداخلة لإبقائها متماسكة، ترنّح موشكاً على السقوط. زميل ثالث عاد لتوه من إلقاء حمولته حال دون سقوطه؛ أمسك به وحاول مساعدته في حمل الكيس الذي احتكّ طرفه الأسفل بطرف أحد الأعمدة الخرسانية الفاصلة بين فتحات المستودع الثلاث. لكن مبروك انتفض كالممسوس، وتكفّلت الكيلوات الخمسين التي لا تساوي شيئاً أمام بُنيته الجسدية، بدحرجة خطواته إلى الخلف نحو عمود خرساني آخر. سمع ثلاثتهم صوت تمزّق الكيس الورقي السميك حين ارتطم ظهر العتّال العملاق على الطرف الحاد للعمود، وضرب الزميل الشهم جبهته بيده اليمنى فبدا صوتها مقارباً لصوت تمزق الكيس.

الجمعة، 16 يوليو 2021

العيد الأخير للجدة

 

من أفرغ قلبي من حبه سوف يملأه بالنقمة عليه.

  قالت جارتنا العجوز وهي تحصي أحفادها للمرة الأخيرة. بالطبع، لم تقل ذلك بهذه الفصاحة، لكن أهازيجها تضمنت المعنى ذاته. صوتها الذي ظل خافتاً منذ خمس سنوات، كان يغرد بنعومة واهنة، بينما توزع حلوى العيد على الأحفاد وتنهرهم كلما اقتربوا من الأضحية التي يجري سلخها على قدم وساق. يلتقط الأحفاد حبها مع الحلوى المنفوشة فوق التراب الندي، ولا يأبهون للعنات التي تعبرهم نحو آبائهم وأمهاتهم.

الأربعاء، 30 يناير 2013

في وداع غرفة دافئة


طالما نفرت من طقوس الوداع. ليس كرها بالمعنى المتعارف أخلاقيا، ولكنه نفور من شعور بالمغادرة، مع أني لم أسمع قبل الآن عن إمكانية ت
سمية شعور ما بـ"المغادرة".
لكني كنت مضطراً للجلوس في وداع غرفة ارتبطت بذاكرة مبهجة ومؤلمة، وكل ما يمكن أن يصاحب حياة شخص متقلب المزاج طوال 7 سنوات. كانت تنتصب أمامي شاشة الكمبيوتر التي صارت قاعدتها مهشمة بأيدي أطفال مفرطي الحركة، ولوحة مفاتيح سوداء ذات مميزات كثيرة للتحكم بالصوت والدخول إلى برامج متعددة بضغطة واحدة بدل النقر المزدوج بالماوس لعدة مرات.