"الخيانة لا تزدهر"

لطف الصراري
اتصل بي زملاء وأصدقاء ليخبروني بأن مقالي في اليوم السابق عن تصريحات السفير الإيراني، كان قاسياً، وبعضهم ألمح إلى أنه لم يكن بريئاً. وأودّ أن أخبر الجميع أولاً بأني لم أقصد الإساءة لشخص السفير محمود زاده، وإنما انتقدت تصريحاً له. وقد عاتبني مساعد السفير، السيد عابدين، في اتصال، وأخجلني بتواضعه ولياقة منطقه.
ما يدعو للاستغراب حديث بعض الزملاء الصحفيين والكتاب عن العمالة كلما كتب أحدنا منتقداً سياسة إيران أو أمريكا أو السعودية إزاء اليمن. يتعسفون السياقات، ويتحدثون بلاوعي الخيانة. ليس بالضرورة أن تكون عميلاً لجهة ما حين تنتقد خصومها. لقد كتبت عن تصريح دبلوماسي لم يكن موفقاً، ناهيك عن تضمنه تهكماً غير ضروري على بلد أنتمي إليه. وقد تحلّت السفارة الإيرانية بالمسؤولية، وأوضحت أن السفير محمود زاده تحدث عن شرط وجود عداوة بين إيران واليمن لتتجسس عليه. وبعبارة أخرى، فقد قال السفير في مؤتمره الصحفي، إن إيران ليس لها عداوة اقتصادية أو تقنية أو عسكرية مع اليمن لتتجسس عليه. هذا ما تضمنه توضيح السيد عابدين، وكذلك الردّ المرسل للصحيفة من السفارة. أضافوا أيضاً أن هناك خطأً في الترجمة، ومعنى ذلك أن جانباً مما كتبنا عنه قد حدث.
تقتضي الأعراف المهنية للصحافة والدبلوماسية معاً، أن نعتذر عن أي خطأ أو التباس في الترجمة أو تلقي المعلومة، وفي هذه الحالة ينبغي أن يكون الاعتذار متبادلاً. لست وزير خارجية اليمن، ولا رئيس حكومته، كي أطالب سفارة إيران بالاعتذار عن اللبس الذي اقترفه مترجمها، أنا معني فقط بتوضيح الصورة. كما أني ما زلت أبحث عن ماهية مصالح إيران في اليمن، وأقصد المصالح الاستراتيجية والتجارية والأمنية، و"أوجه التعاون بين البلدين". أريد أن أعرف من المعنيين بالأمر المزيد عن المصالح التي تربط البلدين حتى من قبيل المراوغة ذات السقف المرتفع، لكن كل ما نحصل عليه هو اتهامات يمنية لإيران بالتجسس بدون تفاصيل، ونفي إيراني ملتبس. من حق الشعب أن يعرف طبيعة علاقات حكومته مع البلدان الأخرى، لكن أملنا في أن شعبنا ما زال يتدرب على مراقبة حكومته ليلزمها بذلك، سيما بعد نشر محمود ياسين أرقام هواتف المسؤولين في أعداد سابقة. لقد كان ذلك أفضل ما فعله محمود ياسين ضمن سلسلة مقالاته ذات القيمة الرفيعة في التدوين الاجتماعي والسياسي.
تستعر حمى الاستقطابات من قبل قوى الداخل والخارج، في ظرف حساس من تاريخ اليمن، ولنتكلم بوضوح؛ يظن بعضنا أن الأمر يتعلق بالعمالة واللهاث وراء الجدران المتينة التي تحميه وتسبغ عليه العطايا. لقد نالتنا نكاية الاتهامات من كل الاتجاهات، وأنا معني بإبقاء صوتي طليقاً أمام إيران والسعودية وأمريكا وأوروبا، وأمام بلادي أيضاً. هل تعرفون ما أتحدث عنه؟ "الخيانة لا تزدهر"، والحصافة لا تعني كل شيء جيد.

 (صحيفة الأولى- 8 يناير 2013)