معهد "الحصب".. فساد الأيادي الطويلة


تلاعب بدرجات الطلاب واتهام الأساتذة بالخروج عن القانون

لطف الصراري
حين يسأل طالب متفوق في المعهد الفني الصناعي بالحصب ما سبب تفوق زملاء آخرين في كشف النتيجة النهائية المعتمدة من الوزارة مع أن درجته في المقررات ذاتها بكشوفات الأساتذة أكثر تفوقاً منهم، يشعر بإحباط شديد وينكفئ على سنترال صغير في محل اتصالات كمهنة يعيش منها إلى أن يجد سوق عمل منتظم يستوعبه في وظيفة ملائمة لتفوقه.
بشهادة عدد من مدرسي المعهد، يوسف علي قائد هو صاحب الترتيب الأول على دفعة 2008/2009 منذ عام الالتحاق، لكن في الفصل الأخير من السنة النهائية احتل هذا الترتيب طالب آخر بشكل غير متوقع. ورغم أن ذلك لم يؤثر على التقدير التراكمي ليوسف، إذ بقي ترتيبه الأول، إلا أنه بدا كمن يشعر بغصة وهو يتحدث عن الصعوبات التي واجهها للحفاظ على مستواه المتفوق وحمايته، وعن تعامل الإدارة معهم: "بذلت أقصى جهدي علشان أحصل على هذا التقدير (83.83%) حتى أدوات التدريب كنا نشتريها من فلوسنا... نعرف انه في دعم من الوزارة لمشاريع تخرجنا لكن لما كنا نطالب باحتياجنا لبعض الأدوات تضيق منّنا إدارة المعهد ويقولوا انّحنا معارضة". قال يوسف مع استدراك اعتبره إجابة عن سؤال: "لماذا لا تشتكوا للإدارة عن نقص هذه الأدوات".
في معهد الحصب يعتبر التلاعب بدرجات الطلاب أمر عادي جداً، مثله مثل الغش في التعليم العام. فالطالب (خ.خ) حصل على (75) درجة في مقرر تقنية طرق عملي للعام 2007/2008، وفي ذات المقرر لكن بالكشف المعتمد من الوزارة درجته (100) وفي مقرر ورش حدادة ونجارة درجته في كشف الأستاذ (92) وفي كشف الوزارة (100). وفي هذا المقرر الأخير حصل الطالب (م.ي) على (72) درجة في كشف الأستاذ، وارتفعت درجته في كشف الوزارة إلى (100).
هنا أنموذجان فقط لما تحتويه كشوفات عام واحد فقط من كرم الأيادي الخفية  التي تمنح الدرجة النهائية بدون استحقاق، ولا أحد يعرف إذا ما كان كنترول الوزارة متورّط في ذلك أم أنه يعتمد على كشوفات أخرى ترفعا إدارة المعهد بدرجات سياحية، ثم يعيد إصدارها كما وردت من المصدر.
الأكثر إيلاماً في قضية التلاعب بالدرجات، أن هناك طلابً تنتقص درجاتهم في كشوفات الوزارة إلى ما يصل لـ(10) درجات للمقرر الواحد. الطالب بسام علي عبدالوهاب استحق (83) في مقرر تطبيقات الحاسوب، بينما انتقصت في كشف الوزارة إلى (73)، ولهذا الطالب زملاء آخرون انتقصت درجاتهم لأسباب يعلمها كنترول المعهد وكنترول الوزارة فقط، لأن الفارق بين الدرجات في كشوفات المدرسين وبين الكشف المعتمد من الوزارة يقول أن أيادٍ سوداء تعبث بجهود الطلبة وتزوّر قدراتهم العلمية، وينبغي على وزير التعليم الفني والمهني أن يعرفها ويحد من طولها.
حسب أحد المدرسين، فإن نسبة النجاح الفعلية في المستويين الأول والثاني مهني وكذلك المستوى الأول تقني للعام 2007/2008، لم تتجاوز 20%، وهذا ما دفع بإدارة المعهد إلى إضافة ما نسبته 45% من الدرجات للنتيجة النهائية بهدف رفع نسبة النجاح. رغم ذلك، لا تخلو الكشوفات من طلاب اضطروا لإعادة سنة كاملة بسبب مقرر واحد كانت تنقصهم فيه (4-5) درجات كي يتخرجوا.
إلى التلاعب بكشوفات الدرجات، ليست كشوف الاستحقاقات المالية بمأمن من التلاعب ، سيما إذا كان الاطلاع عليها ممنوع ويزيد من تشديد المنع كونها تخص نفقات من حساب الموازي. تفيد كشوفات استحقاق الإداريين من التعليم الموازي أن عميد المعهد تقاضى مبلغ (31.450)ريال للفترة من 10/11-31/12/2007، وكشفاً آخر لنفس الفترة بمبلغ (110.160)ريال بعد نزول اللائحة الجديدة في 2008. أما كشوفات استحقاق الساعات الإضافية للمدرسين والمدربين في التعليم النظامي، فقد وصل صافي الاستحقاق إلى (104.143)ريال للمدرب الواحد عن فترة عمل تمتد لـ5 أشهر وبإجمالي (1.041.250)ريال لعشرة مدربين، بينما كشف آخر للمدربين في التعليم الموازي لنفس الفترة لم يتجاوز استحقاق المدرب الواحد (5000) ريال ووصل استحقاق الحارس إلى (7000) ريال بإجمالي (184.000)ريال لعدد (36) مدرب و (7) حراس.
رغم الفارق بين إجمالي الاستحقاقين وعدد المستفيدين، إلا أن مدرسون يؤكدون أن الكشوفات ذات المبالغ الباهضة يتم تغييرها بكشوفات أخرى يوقع عليها المدربون تتفاوت فيها المبالغ بين (3000-15000) ريال للمدرب الواحد. إنه الهوس بتغيير الأرقام، الذي يقود التفكير إلى مقاربة العبث بدرجات الطلاب بالعبث بمبالغ المدربين حسب المزاج أو حسب المنافذ الذي لا يأتي منها الريح.