بعد ركله في لحظة شره سياسي.. باجمال خطة إنقاذ بديلة


  لم تحظ عودة عبدالقادر باجمال بكثير تنبوءات قبل نصف شهر على الأقل من الآن حين بدأت بعض المصادر الحكومية بالإعلان عن ذلك ،استناداً إلى توجيهات رئاسية بالعودة بـه بعد أن تعافى من الجلطة التي أصابته في أبريل 2008 أثناء تسلّمه "جائزة الأرض" الأممية في سنغافورة.
التوجيهات شملت أيضاً نقل باجمال بطائرة خاصة يرافقه فيها يحيى الراعي الذي كُلف – كما يبدو– بوضع اللمسة الأخيرة على سيناريو العودة.
 
تُذكر عودة "السياسي المخضرم" بعودة غير بعيدة لولي العهد السعودي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي كان يقضي إجازة مرضية في أحد منتجعاته بالمغرب.. كلا البلدين- السعودية واليمن- احتاجا لعودة "منقذ" تم ركله في لحظة شره سياسي واطمئنان باستتباب أمن البلاد وخلوه من المخاطر.
حظيت عودة الأمير سلطان بمراسيم استقبال رسمي وشعبي واسع، وهو ما استلهمت منه صنعاء إجراء مراسيم مماثلة لـ"باجمال"، غير أن اليمن لا تستطيع تحمل نفقات الفعاليات الاحتفائية بعودة من تعتقده منقذها، كما لا تفكر بالإفراج عن المعتقلين السياسيين والصحفيين وإصدار عفو عام عن سجناء رأي كما فعلت المملكة السعودية حين أفرجت عن سجناء محليين وعراقيين على شرف عودة المنقذ.
 
لا يجدر بأحد استبطان الدافع وراء قرار إعادة باجمال إذا كانت هذه العودة ستحمل معها قليلاً من قدرة الإقناع التي يمتاز بها الرجل لتصب في صالح المعتقلين والمخفيين والاعتراف بأزمة وطنية فيما يتعلق بقضية الجنوب عل الأقل، تلافياً لتمادي الغباء السياسي لدى قادة الحراك الجنوبي الذين سمحوا بزعامة طارق الفضلي وارتهنوا لمنطقه الطائش؛ لا أحد يتصور أن يقود الفضلي ناصر الخبجي مثلاً.
حين نكز باجمال في سنغافورة ورفض العودة في 2008 كان الحديث عن ملفات يحوزها تضمن له سلامته الشخصية وحظوته السياسية، سيما أن بعض تلك الملفات تتعلق بالسياسة الخارجية لليمن وسوء تصرف بالدعم الدولي المقدم للحكومة لأغراض التنمية، وكانت أميركا وبريطانيا هما قرص التفعيل المناسب لأهمية ملفات باجمال، ونظراً لتعقيد الوضع في اليمن وضبابيته إلى الآن أمام السياسة الأنجلو أميركي، يرتبط "العودة الحميدة" لمنقذ اليمن باحتمال ضغوط أمريكية وبريطانية لتعزيز ضمان الدعم المقدم هذه المرة لمكافحة الإرهاب.
 
بالنسبة لشخص يمتلك مهارة المراوغة السياسية، سيشكل باجمال مع الرئيس صالح ثنائيا تكاملياً لإطالة أمد المناورة والحيلولة دون التدخل العسكري الوشيك لأميركا، أو جلب المزيد من القوات البحرية متعددة الجنسيات إلى المياه الإقليمية لليمن، والتي لن يعود بالمستطاع عدم الاعتراف بتواجدها الكثيف لمساعدة الدولة العاجزة عن إدارة شئونها والعاجزة بالتالي عن إيقاف تفريخات تنظيم القاعدة التي تتهدد سلم الدول الكبرى ونفوذها في المنطقة العربية.
عاد باجمال متعافياً من "الجلطة" السياسية.. لكن اليمن مصاب بتضخم أزمات قائمة وأخرى نائمة، لم تستطع حلّها خطط الإنقاذ التي عكفت عليها أحزاب المعارضة وأحزاب السلطة لسنوات.