أوباما متفاجئاً

لطف الصراري
الوضع مخيف في العالم برمته.
خلال تواجد زعماء العالم في نيويورك، الأسبوع الماضي، في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، طالب معظمهم، بالذات دول أفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية، بضرورة إصلاح هيئات المنظمة العالمية، ومجلس الأمن على وجه الخصوص.
أوردوا في سياق مطالباتهم أن مجلس الأمن لم يستوعب التغيرات العالمية، سيما نشوء الجماعات المتطرفة، التي يتصدرها "داعش" من حيث الخطورة وسرعة التوسع. كما انتقدوا دور الأمم المتحدة في عدم مواكبة مشكلة الزيادة السكانية المتسارعة، وحاجة سكان العالم للغذاء والأمن ومتطلبات الحياة الأخرى.
واليوم، يقول باراك أوباما، الذي ترأست بلاده اجتماعات الجمعية العامة، إن واشنطن لم تتوقع أن يؤدي تدهور الوضع في سوريا إلى تسهيل ظهور جماعات متظرفة كتنظيم داعش في العراق. ربما كان يتوقع ظهور جماعات تعنى بتعزيز السلام، وناشطين سياسيين قادرين على بناء أنظمة حكم ديمقراطية. المعذرة سيد أوباما؛ ربما خذلك العرب، ولم يكونوا عند مستوى المسؤولية العالمية.
ماذا عن اليمن سيد أوباما؟ ماذا عن ليبيا أيضاً، وتدفق السلاح إلى الميليشيا بهذا الكم الذي فاق تسليح الحكومات؟
قبل أسبوعين، قال ماثيو تولر، السفير الأمريكي في صنعاء، إن الولايات المتحدة لا تمتلك حلاً سحرياً لمشكلات اليمن، وإن البديل عن الحوار هو ما يحدث في سوريا وليبيا.
على قدر ما شعرنا بالأسف لكون سياسيينا لا يفكرون في الخيارات البديلة للحوار، كما يفكر بها ممثلو الدول الـ10 الراعية لتنفيذ المبادرة الخليجية، فقد كان ذلك التصريح صادماً. ليس لأننا نراهن على الحلول الأمريكية، بل لأن ما بدا نفساً قصيراً في التعاطي مع مشاكل اليمن، قد صدر من ممثل الدولة التي طالما أصمّتنا تصريحات كبار مسؤوليها عن سعيها لنشر السلام في العالم.
إثر سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء، وانزلاق الصراع في رداع ودمت إلى دوافع طائفية، وإثر ازدهار الجماعات المتطرفة على غفلة من إدارة أوباما والأمم المتحدة، فإن ما ينتظر اليمنيين ليس "مستقبلاً مزدهراً ومستقراً" كما تصوره لنا بيانات سفراء الدول الـ10 وتصريحات زعمائها. إنه ليس حتى مستقبلاً منفلتاً على المستوى الأمني. ينتظرنا مستقبل كارثي ومدمر لا نستطيع تصور عدد الأجيال التي ستعيش في جحيمه، ناهيك عن ترميم آثار هذا الصراع. وللدقة أكثر، فنحن نعيش هذا المستقبل الكارثي منذ الآن.
ينتابني شعور هو أقرب للثقة بأن النخبة التي تتحكم بمصير اليمن وصراعاته، من سياسيين وزعماء قوى قبلية، رغم طيشهم وأنانيتهم إزاء شعبهم، لن يسمحوا بانزلاق الصراع كما حدث في ليبيا وسوريا والعراق. مصدر هذا الشعور نابع من كونهم يحرصون على مصالح بعضهم البعض التي صارت أكثر من مصالح الشعب. وإلى ذلك، فهم قابلون للاستفزاز والتحدي، سواء من قبل بعضهم البعض في سياق تدمير الوطن، أو من قبل المجتمع الدولي حين يعيّرهم بأنهم عاجزون عن تسوية خلافاتهم.
لن نعول على الخارج كثيراً، ولا حتى على الأمم المتحدة، بل على العقلاء من قادة الأحزاب ومن المتصارعين فوق رؤوسنا؛ لا نريد لليمن أن تتحول إلى مسرح عالمي لتصفية الحسابات. إنه عالم مخيف في ظل انفجار بؤر النزاعات المسلحة بشكل مفاجئ، وانهماك الدول الكبرى في رعاية مصالحها على حسب مصلحة البشرية.

 24 سبتمبر 2014)