لطف الصراري
قداسة الإنجاز
الوحدوي تعوق تقدم الحوار حول شكل الدولة. لن يكون التوافق سهلاً، في ظل تمسك الحزب
الاشتراكي وحلفائه، والمؤتمر الشعبي العام وحلفائه، بإنجازاتهم الوحدوية؛ لا أقصد التحالفات
الراهنة، بل السابقة للعامين 1990 و94.
الحزب الاشتراكي
وحّد سلطنات الجنوب في دولة واحدة ثم دخل بهذه الدولة في وحدة أكبر مع الشمال. أما
المؤتمر الشعبي وحلفاؤه السابقون، فلا يخفى تحمسهم للوحدة مع الجنوب، واحتكارهم للإنجاز
الوحدوي الأكبر، بواسطة الحرب في 1994.
تختلف المعطيات بين زمن توحيد الجنوب، وتالياً دخوله
الوحدة مع الشمال، وبين زمن مفاوضات تحديد شكل الدولة إثر ثورة 11 فبراير. وفيما يصر
الحزب الاشتراكي على خيار الإقليمين، وبالمثل إصرار المؤتمر الشعبي على رفض ما يسميها
"العودة للأشكال الشطرية"، يظهر موقف كل من الحزبين، كما لو أنهما متمسكان
بإنجازاتهما الوحدوية.
يناور المؤتمر الشعبي العام برفض "مشاريع التمزيق"،
لكنه لن يرفض الفيدرالية في حال تم تقسيم جغرافيا الجنوب لإقليمين أو أكثر. أعتقد
بأن حزب الإصلاح موافق على ذلك. أما الحزب الاشتراكي، فلا يبدو أن حلفاءه الحاليين
مستعدون لمساندة موقفه المتمسك بخيار الإقليمين؛ الإصلاح لم يقل شيئاً داعماً إلى الآن،
وفصائل الحراك الجنوبي منقسمة على نفسها، ولا أحد يعرف كم ستستمر دعوات قياداتها
"لتوحيد الصف".
بالنظر للحالة الجنوبية
التي أحدثها محمد علي أحمد منذ عودته في مارس 2012، لم تظهر مواقف الرجل أي
مشتركات مع موقف الحزب الاشتراكي، كما أن مواقفه اتسمت بالمرونة الغامضة
والمفاجئة، رغم صلافة طباعه. أسس محمد علي أحمد مؤتمر شعب الجنوب، وخلال سنة و7
أشهر فقط، وصل به إلى مرحلة المنافسة على تمثيل الجنوب والتحدث باسمه. تقدمه
المتسارع هذا، تأخذه فصائل الحراك باعتباره تهديداً لنضالها المستمر منذ 2007،
وبالمثل، ينبغي أن يأخذه الحزب الاشتراكي، كتهديد لرمزية تمثيله للجنوب.
إذا ما استمر الحزب الاشتراكي على تمسكه بخيار
الإقليمين، عليه أن يستعد للوقوف وحيداً مجدداً، كما وقف في حرب 94. إذ لا أحد من
حلفائه الحاليين، أو ممن تلتقي مواقفه مع مواقفهم بالصدفة أو بالتكتيك، سيستمر في
حال استجد منطق التسويات؛ لدى الإصلاح ما يحرص عليه في الشمال والجنوب على حد سواء
ولا فرق عنده بين إقليمين أو 5 أقاليم. والحوثيون متضامنون مع الحراك الجنوبي
ومؤتمر شعب الجنوب، ولن يتضامنوا مع الاشتراكي إذا ما فقد قاعدته الجماهيرية في
الجنوب تحديداً.
على أن القاعدة
الجماهيرية للحزب الاشتراكي ليست محصورة في الجنوب فقط، لذلك يتوقع منه الاستناد
إلى حجمه الممتد شمالاً وجنوباً، وإعادة النظر في خارطة تحالفاته. فهو يكاد يكون
الحزب الوحيد الذي تخلو مواقفه في الحوار، من الانتهازية الوطنية التي لدى القوى
الأخرى.
صحيفة الأولى- 26 أكتوبر 2013