"واحد بواحد"


لطف الصراري
فكرة "واحد بواحد" تعمل ببشاعة منذ مقتل رؤساء اليمن الثلاثة (الحمدي، الغشمي وسالم ربيع)، وكان لها حضور اجتهادي للمقاربة بين مقتل أمين عام الاشتراكي الراحل جار الله عمر على يد متطرف وبين حادث السيارة الذي أودى بحياة أمين عام المؤتمر الشعبي الراحل يحيى المتوكل كحادث مدبّر على طريق عدن.
الأسبوع الماضي قتل عضو المجلس المحلي بمديرية صيرة محافظة عدن وهو في طريقه إلى صنعاء. قيل إن القتل كان حادثاً، بينما هناك من تقطع له قبل ذلك وسلبت منه ورفيقاه السيارة التي كانوا على متنها. يشبه الوضع في هذه الحالة طريقة قتل الحلوانيين الثلاثة في حبيل جبر، وما يُخشى في الأمر برمته أن فكرة "واحد واحد" مازالت أسلوباً معتمداً في جرّ الاستنتاجات إلى مربع بليد يخرج من طور بلادته سريعاً ويدفع بأهالي الضحايا ومواطني مناطقهم إلى معاداة أهالي الجناة ومناطقهم أيضاً، ليكون الناتج مزيداً من الاحتقان والفوضى الشعبية التي تجد السلطة منها مبرراً لصناعة "المتمردين" أو من تسميهم "الخارجين عن القانون.
لم يكن النائب أحمد سيف حاشد وحده الذي تفاجأ بتصريح زميله البرلماني (خالد شائف) عندما كشف الأخير عن وجود توجيهات بعدم القبض على علي سيف العبدلي "القاتل الرئيس" في جريمة حبيل جبر. قال حاشد: إن أعضاء مجلس النواب وكذلك الجانب الحكومي الحاضرين ذات الجلسة خيم عليهم "الصمت والذهول".
فعلياً، هذه المكاشفة ستمرّ مرار "اللئام" لأن الكثير من علامات الاستفهام والاستياء ستحل على رؤوس من نقلوا هذا السر إلى الرأي العام، ربما لا تستطيع علامات استياء السلطة أن تضيف نكالاً إضافياً للنائب حاشد أو مدير مديرية العسكرية السابق، فالأول حالة يقظة ميئوس من تواطؤها مع خبث السياسة والثاني تم تغييره بآخر ذي ذراع ملويّة بقرابته مع القاتل، وسيمر الأمر دون تساؤلات شعبية أو حقوقية، لأن جميع من يقيم في هذا البلد -بمن في ذلك منظمات حقوق الإنسان غير اليمنية، قد تعودوا على الانفلات المؤسساتي سواءً في وزارة الداخلية أو في وزارة الكهرباء و "الطاقة". كلنا اعتدنا مفاجآت من هذا النوع، كما اعتدنا تورّم القلب جراء انطفاء الكهرباء المتكرر وغير المنتظم.
كل شيء في هذا البلد غير منتظم بما يكفي لعدم استخدام لفظة  "النظام" حتى في وصف طريقة الحكم في اليمن.
الصحافة الأهلية والمستقلة بعد تحميلها مسئولية تفاقم الأزمة السياسية وانفلات الوضع الأمني، صارت تتعامل بحذر مع شعرة معاوية وقميص عثمان، لكن يبدو أن "طريقة الحكم" تسترخي مع هكذا وضع وتمضي معتقدة أنها لقنت الصحافة المستقلة درساً لن تنساه.. ومع مزيد من الاسترخاء، ستكشف المراحل القادمة بالتأكيد، من الذي لا يستشعر مسئوليته إزاء وطن وشعب سيموت بعضه وبعضه الآخر سيبحث عن "طريقة حكم" جديدة، كما آلت إليه أمور العراق الشقيق. نتمنى بالفعل موفور الصحة لبلدنا.