على أي نفوذ يستند الحزمي

من شواهد استبداد مكتب الخدمة المدنية بتعز


لطف الصراري
المتضررون من سطوة مزاج عبدالسلام الحزمي- مدير مكتب الخدمة المدنية بتعز يقفون في طابور طويل ولا يملكون سوى توكيل أمرهم لله أو التوجه لأقرب صحيفة يبوحون لها بما في قلوبهم من غبن حتى إذا كانوا يعلمون ألاّ أحد من المسئولين عليه سينبس ببنت شفه لمحاسبته، المهم أنهم يحاولون طرق جميع الأبواب.
بين يدي رزمة من الأوراق يعود تاريخها إلى ما قبل عامين من الآن، جميعها تؤكد أن بلقيس أحمد عبدالصمد- أخصائية اجتماعية بمدرسة الحمزة، الفترة المسائية- محرومة من فوارق بدل طبيعة العمل التي منحت لجميع زملائها التربويين في العام 2007، ولا يزال راتبها عرضة للإيقاف بتوجيهات ومذكرات مدير عام مكتب الخدمة المدنية- عبدالسلام الحزمي.
التحقت بلقيس في السلك التربوي قبل (11) سنة، ومنذ مطلع العام 2007 حين ظهر اسمها ضمن (15) آخرين اعتبرهم مكتب الخدمة المدنية مزدوجين وظيفياً. أوقف رواتبهم كون العمل في القطاع الخاص يعتبر ازدواجاً وظيفياً.
هي لا تعرف عن مصير زملائها لكنها تظلمت لمحافظ المحافظة وقاضي محكمة غرب تعز ومدير مكتب التربية، وإلى نيابة غرب تعز حتى وصلت سلسلة تظلماتها إلى وزارة الخدمة المدنية.
في 25/3/2007 شكا مدير مكتب التربية إلى محافظ المحافظة تجاوز مدير مكتب الخدمة لاختصاصه بتوقيف راتب بلقيس دون مبرر قانوني، وأفاد أنها تؤدي عملها على أكمل وجه، وبعد توجيهات المحافظ ومحكمة غرب تعز، أفرج عن الرواتب، لكن الحزمي- مدير مكتب الخدمة لم تنفد وسائل تنكيله بعد. عندما نزلت فوارق بدل طبيعة العمل لجميع التربويين، أُوقفت مستحقات بلقيس ومنعت من البصمة وأوقف راتبها مرة أخرى، وعادت من جديد للتظلم.
بتأريخ 9/7/2007 وجّه رئيس محكمة غرب تعز مدير الخدمة بصرف الراتب وبقية المستحقات، وفي 29/7/2007 وجه وزير الخدمة المدنية آنذاك- حمود خالد الصوفي مذكرة تضمنت عرضاً قانونياً لحالات الازدواج الوظيفي مع فتوى الوحدة الفنية بالوزارة بأن حالة المذكورة لا تنطبق عليها الأحكام الخاصة بالازدواج الوظيفي. وأصدر توجيهاً للحزمي بصرف مرتبها والبدلات المستحقة قانوناً، لكن الحزمي يستند لنفوذ يجعله قادرا على رفض تنفيذ كل التوجيهات الصادرة إليه، حتى أن نيابة غرب تعز قررت في أغسطس من العام 2007 تقديمه لمحكمة غرب تعز لمحاكمته والحكم عليه بالعقوبة المقررة شرعاً وقانوناً لاستعماله سلطة وظيفية في رفض تنفيذ الأوامر الصادرة إليه من محكمة الغرب، ومع كل ذلك تمادى في تعنّته لبلقيس وغيرها ممن قرر بحنكته الإدارية أن عملهم في القطاع الخاص يعتبر ازدواجاً وظيفياً. بالكاد أفرج عن راتب الأخصائية الاجتماعية وعلّق مستحقاتها حتى تمت عملية إرجاعها إلى المالية في مارس 2009.
قررت بلقيس المضي في مقاضاة الحزمي، وحين عرف ذلك، أصدر مذكرة إلى الشئون القانونية بالمحافظة بإيقاف راتبها لشهر سبتمبر 2009، وفي حين كان الناس يستعدّون لعيد الفطر الذي مرّ قبل أسابيع، كانت بلقيس وأخيها يتنقلون من مسئول إلى آخر لإطلاق الراتب الذي صار مباحاً لانتهاكات عبدالسلام الحزمي واجتهاداته.
اجتهادات الحزمي لم تتوقف عند هذه الحالة فقط، بل طالت موظفين كثر، فقبل أيام وجّه مذكرة إلى مكتب التربية بالمحافظة باعتماد (49) درجة وظيفية بديلة عن معلمين قرّر أنهم منقطعون عن العمل. ويحكي كشف الأسماء المرشحين للوظائف البديلة إن (11) منهم من حملة الشهادة الثانوية العامة وبعضهم تخرج العام الماضي، في حين سبق لمكتب الخدمة رفض استقبال طلبات توظيف لمتقدمين من حاملي الثانوية فقط.
لا أحد يعرف كيف قفزت فتوى الشيخ "الحزمي" على المادة (27) من قانون الأجور لعام 2005 التي تمنع التوظيف بالبدل! هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، لدى مكتب الخدمة ما يقارب (30.000) طلب وظيفي معظمهم من حملة البكالوريوس والدبلوم، وكلية التربية بجامعة تعز تُخرّج سنوياً أكثر من 2000 مدرّس في مختلف التخصصات، كلهم مركونين في الأرشيف، وكشْف الحزمي يحتوي على عدد من المرشحين بتخصص غير تربوي ودرجة دبلوم بالأكثر.
عند تعيينه بهذا المنصب في مارس من العام 2004 وُصف قرار وزير الخدمة آنذاك- حمود خالد الصوفي بالشجاع والجريء ، لكنه الآن لم يتخذ قراراً وقد صار ثالث محافظ يحكم تعز منذ عيّن الحزمي الذي لا يزال يجد الوضع مشجعاً للعمل حسب المزاج الخاص بـ"شيخ مشائخ" المؤسسات الحكومية، طالما أنه يستند لنفوذه القبلي وربما إلى سلطة أخيه المقرب من الرئيس، ولاحقاً لا أستبعد أن يصل الناس إلى قناعة بأن المحافظ الصوفي هو الداعم الأول لمدير مكتب تنفيذي بالمحافظة قدمته النيابة العامة أكثر من مرة للمحاكمة بمخالفات إدارية جسيمة كان آخرها تقديم نيابة غرب تعز له كمتهم فار من وجه العدالة وفقاً للمادة 285 لمحاكمته بتهمة تزوير مادي في محرر رسمي صحيح هو استمارة ترشيح للتعيين في وظيفة جهاز تنفيذي بمديرية القاهرة.
خلال خمس سنوات، تدخّل مدير مكتب الخدمة في اختصاصات العديد من المكاتب التنفيذية، حتى الجامعة التي تعتبر مؤسسة مستقلة مالياً وإدارياً، وتعسّف ما استطاعت مخيلته أن تلهمه إلحاق الأذى بالناس بحق أو بدون حق. إنه وضع يؤسف له، طالما هناك قدر كبير من التواطؤ على إيذاء من لا يستطيعون درء الضرر عن أنفسهم.