السبت، 8 يناير 2011

مفكرة 2010 وهكذا دواليك


لطف الصراري
لا يبدو أننا نراجع مسودات ما نكتبه طيلة عام أو حتى بين فترة وأخرى، ومع ذلك نحرص على حيازة مفكرة جديدة بداية كل سنة. بالطبع لست بصدد  سرد أحداث العام، ولا أدّعي أني رجعت إلى كل ما دونته في مفكرتي للعام 2010، لكن صفحة 6 يناير تضمنت مسودة قصة خبرية لحادثة قتل جماعية في سوق البرح غرب مدينة تعز، وكان الجناة حتى لحظة كتابة الخبر فارّون من وجه العدالة. لو حصرت الأحداث المشابهة لن يتبقى حيز في الذاكرة لتمرير الاكسجين حتى.
التدوينه التالية في المفكرة كانت بتاريخ 31 يناير، لكن هذا لم يكن تاريخ اليوم الذي كتبت فيه، بل بعده بشهور. ظلت الصفحات بين التدوينتين فارغة بشكل لا إرادي بطريقة من يلاحق الزمن، ومن حينها لم أعد استخدم بقية الصفحات حسب الترتيب الزمني لها. كلما احتوته المفكرة لاحقا لا يعدو عن كونه أفكار أو أرقام هواتف دوّنت بعيداً عن الصفحات المخصصة لها، لاشخاص لم أعد اتواصل معهم ولا اتذكر بعضهم, لقد بقيت أكثر من نصف صفحات المفكرة فارغة؛ لا برامج يومية ولا جرد للأفكار التي حظيت بالتدوين، فقط لان المفكرة كانت في متناول اليد، الكثير من الأفكار والمسودات كانت من نصيب القصاصات التي لا تبقيها دواعي النظافة اليومية.

ما ترتبط به ذاكرتي في بقية المفكرة: نص سردي، فعالية لورشة نحت في بيت الفن وفقرة مخصصة للنحات عبدالولي المجاهد، تلخيص لبعض محتويات تقرير التنمية البشرية العربية لعام 2009، عبارات عن كلمة للسفير الكويتي السابق بصنعاء- سالم الزمانان أثناء فعالية ثقافية بمؤسسة السعيد- إحدى العبارات تتضمن تأكيدا على ان اليمني هو الوحيد الذي يعامل في الكويت معاملة المواطن الكويتي، معلومات عن معاهدة ستارت الجديدة حول السلاح النووي وبعض الاحصائيات عن الرؤوس النووية لكل من روسيا وامريكا، تصريح للدكتور ابو بكر القربي عن عدد عناصر القاعدة النشطة في اليمن (300-400 شخص) وتصريح لأوباما: "سنواصل تعزيز تعاوننا مع الحكومة اليمنية". وفي الأثناء، تظهر بين الورق، صورة لطفل مفقود منذ ذهابه إلى عدن ضمن جمهور خليجي 20، وبعد الصورة بقليل قشرة ليمون حامضة.
لم انته بعد من تصفح التدوينات في المفكرة، فهناك الكثير من العبارات والأفكار غير المترابطة، لم أعد افهمها بمعزل السياق الذي كنت أفكر فيه. لكن الكثير منها تبدأ أو تحتوي على مفردات من قبيل: "قتل، اغتصب، اعتصم، انفجر، انتحر..." إلى ما هنالك من ما تتمنّع سيكلوجيا الذاكرة عن الخوض فيه مرة أخرى.
هل في مثل هذه التدوينات ما يجدي الرجوع إليه أو اقتناء مفكرة جديدة لعام 2011؟ لو سألت علوي السقاف لأجاب بالنفي على الشق الثاني من السؤال، لأن لديه الكثير من المفكرات يحتفظ بها فارغة بسبب "الحياة النمطية التي نعيشها". "ما نفعله اليوم نفعله غدا وبعد غد ... وهكذا دواليك ." قال علوي ساخرا من الرتابة دون ان يتلفّظ بـ"هكذا دواليك"، "لكن ألا نشبه حياتنا يا صديقي." علقت بصمت، كما يتحاشى عجوز مصاب بالربو الحديث عن ذاكرته المؤلمة.