الثلاثاء، 16 فبراير 2010

هل تگون آخر حروب دولة الرئيس؟


كأي إنسان (وليس كمواطن يمني فقط) ظللت أتطلع إلى الساعة التي تعلن فيه أطراف الحرب في صعدة عن وقف إطلاق النار نهائياً، وبذات القدر أتمنى إيقاف إطلاق النار في حارات تعز وضواحيها، وكافة المدن اليمنية.
لو أتيح لي أن أتمنى- وهذا ما يفعله معظم اليمنيين- ستعلن ليلة القدر أن الأمنيات التي تواجهها أكثر من التحديات التي يواجهها اليمن، وربما استمعتْ "الليلة السحرية" لمشورة علماء الدين الأجلاّء فيما لو قرروا أن أمنيات الحياة كما يعيشها المواطنون في البلدان الآمنة بدعة مثل "عيد الحب".
هل يمكن أن يتمنى المرء في ليلة عيد الحب أن يشيع السلام في قلوب اليمنيين، لكن يبدو أن الليلة ستنقضي قبل إكمال الأمنيات فيما يتعلق بفصل الإيقاف فقط؛  من إيقاف الحملة الشرسة على الصحافيين، إيقاف "الجرع الصامتة"، إيقاف المطالب بفك الارتباط عن وحدة اليمن وإيقاف الاعتمادات اليومية المهولة لقادة الحرب في صعدة، وإيقاف التدخل السعودي وغير السعودي في شئون اليمن. إيقافات جلفة لن تتمكن ليلة رومانسية من هضمها.
نحن شعب جلف بالأساس، ولا نجيد رفع الغلظة حين يتعلق الأمر بالاعتراف بالخطأ، حتى إذا أردنا أن نقول انطباعاً جيداً نقوله بأنف مرفوع وجبين معقود. لماذا لا نجيد التواصل مع إنسانيتنا؟
  ليس الأمر مجرد "أمنيات خضر"، فهذه قليلة الشأن في اليمن، والحظوة لأحلام قصيرة لا تتعدى التفكير بكيف يمر اليوم بسلام. بل المشكلة في التوتر الذي أتلف إحساس القادة برغبة الحياة لدى اليمنيين ورهبة الموت لدى من يواجهه في محور قتال أو على رصيف الجوع. التوتر الذي جعل الانطلاق والتوقف يعملان عكس تيار الحياة هنا.
  الأسبوع الماضي أغلق د. عبدالكريم الارياني الباب أمام أحزاب اللقاء المشترك وتوقفت مساعي الحوار الوطني إلى أجل لم يسمّ بعد، وهو وضع ينذر بانطلاق جولة جديدة من الغلظة والتوتر يعلم الله وحده ماذا ستحصد في طريقها!
 جميع الأنظار موجهة الآن إلى متاريس صعدة وحرف سفيان والملاحيظ والجوف، والأهم أن يصمد وقف إطلاق النار دون أن تخترقه نيران مقاتلي الحوثي أو استفزازات قادة الحرب. لم يعد حسن مناع وأخوه تاجر السلاح شماعة استمرار الحرب أو معطيات مستترة للتحليلات السياسية والصحافية، لكن الخوف من وجود "منّاعين" آخرين لقرار وقف إطلاق النار والحيلولة دون جعل الحرب السادسة آخر حروب دولة الرئيس.
  تحتاج هذه الدولة لبعض التنازلات ويحتاج هذا البلد لدولة يحترم المسلّحون وغير المسلحين قانونها ونظامها، وباختصار دولة بلا حروب ولا تعذيب ولا محاكمات رأي كما يحدث لمحمد المقالح كأبرز حالة محاكمة تعسفية تستند فقط لانطباعات شخصية حادة إزاء موقفه من الحرب. ها قد أعلنتم بداية إيقاف الحرب.. فأطلقوه. أطلقوا سراح باشراحيل والسقلدي وبقية الصحفيين.. أوقفوا الحرب والاعتقالات السياسية وملاحقة الصحفيين كي لا نجد ما نكتبه عنها. وأعيروا بعض الاهتمام لتلافي حرب النفوس التي تستعر الآن بين "أبناء المناطق" الشمالية والجنوبية. لا يكفي احتقار الكراهية والعنف، فهما مرتبطان بالخوف، بالقمع وبالاستخدام السيئ لأدوات السلطة.